كلمتي في حفل تخريج الدفعتين السابعة والثامنة من جامعة حمدان الذكية
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي سمو الشيخ/ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم:
ولي عهد دبي، الرئيس الأعلى للجامعة
أصحاب المعالي والسعادة رئيس وأعضاء مجلس أمناء الجامعة:
الأخوة الزملاء أعضاء هيئة التدريس:
الحضور الكريم:
يطيب لي أن أقف بينكم اليوم ، لأتحدث إليكم في مناسبة تخريج الدفعة السابعة والثامنة من طلبة وطالبات جامعة حمدان بن محمد الذكية. وفي البداية يسعدني أن أرحب بكم سيدي سمو الشيخ/ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، الرئيس الأعلى للجامعة على تشريفكم حفل التخريج بشخصكم الكريم، وإسباغ رعايتكم الكريمة عليه، وهذا هو عهدنا بكم دائماً. فحمدان بن محمد ليس مجرد اسم تنتسب إليه الجامعة، وتفخر بالانتماء إليه، ولكنه الرئيس الأعلى الذي يتابع عن كثب، ويمد يد العون والمساعدة، ويشجع الجهود المخلصة، ويوجه المسيرة نحو الهدف، ولايترك شاردة ولا واردة على المستوى الاستراتيجي، إلا استوقفها ليعلم من أين أتت وإلى أين تذهب.. فالجامعة معكم سيدي تبقى دائماً وأبداً في أيدٍ أمينة.. فأهلاً بكم سيدي في هذا المحفل الأكاديمي بين أهلك ومحبيك.
سيدي سمو الرئيس الأعلى للجامعة:
يتزامن تخريج هذه الدفعة مع "عام زايد" الذي تم إعلانه هذا العام بمناسبة مرور 100 عام على مولد الشيخ زايد طيب الله ثراه، وذلك تخليداً لذكراه ومبادئه وقيمه السامية، وباعتباره واحداً من أعظم الشخصيات القيادية في العالم، ومن أكثرها حكمة وإلهاماً، ومن أصدق الزعماء رمزاً للوطنية، وولاءً للوطن، وحباً للمواطن. وصدق سيدي صاحب السمو الشيخ/ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي حين قال: "إن ما حققته دولتنا من نجاحات وإنجازات وضعتها على خريطة العالم، جاء نتيجة للرؤية الحكيمة لزايد.. الأب والقائد.. باني نهضة الإمارات الحديثة".. صدقت سيدي أنه بحق زايد الخير.. زايد العطاء.. زايد النماء.. زايد العزة.. زايد الحكمة.. زايد الإنسان.
لقد بدأ زايد العطاء في عصره بإحداث تغيير جذري في مفاهيم التعليم، وهو ما يعرف الآن بإعادة هندسة التعليم. فقد نشأنا جميعاً كمواطنين وقد استقر في أذهاننا في بداية الأمر أن من يريد أن يلتحق بالتعليم عليه أن يدفع المقابل من ماله، ولكن زايد الخير –من أجل تيسير سبل التعليم للمواطنين وحثهم على التعلم– لم يكتف بأن يجعل التعليم مجانياً وبدون مقابل، ولكنه رصد مكافآت لمن يلتحق بالمؤسسات التعليمية وكأنه يقول "تعلم واربح".. نعم، الكل يتعلم ويربح، فالمواطن يتعلم ويربح الكثير.. والوطن يتعلم ويربح أكثر وأكثر.. رحم الله زايد القائد وطيب ثراه، وجازاه عن أمته خير الجزاء.
سيد ي سمو الرئيس الأعلى للجامعة:
نحن في جامعتكم الفتية آلينا على أنفسنا أن نضع توجيهاتكم الذكية نصب أعيننا لإعادة هندسة التعليم وتحقيق انطلاقة جديدة نحو المستقبل. إنني أذكر جيداً سيدي توجيهكم لي عندما استقبلتني منذ حوالي شهرين رفقة سيدي معالي الفريق ضاحي خلفان تميم رئيس مجلس أمناء الجامعة، حيث قلتم سيدي "إن العالم يتغير، وعلينا أن نواكب هذا التغير بتغيير التعليم لنكون جاهزين للمستقبل". وانطلاقاً من هذا التوجيه، أبشركم سيدي أن الجامعة قد بدأت بالفعل المسيرة لإعادة هندسة شاملة لتغيير وجه التعليم، وتغيير ملامحه التقليدية الراسخة من زمن بعيد.
وقد بدأت عملية إعادة الهندسة عندما نجحت الجامعة هذا العام بعد صبر ومثابرة وإصرار في إقناع هيئة الاعتماد الأكاديمي بوزارة التربية والتعليم، التي تتفهم تماماً الطبيعة المتفردة لجامعتنا، وتقدم لها الدعم الأكاديمي الذي يتناسب معها ويمكنها من أداء رسالتها التعليمية على الوجه الأمثل، حيث قامت الهيئة باعتماد برنامج "ماجستير العلوم في إدارة التغيير والإبداع" بحيث تجري دراسته بالكامل عبر الوسائط الإكترونية.
ومقتضى ذلك أن الدارسين بهذا البرنامج لن يكونوا مضطرين للحضور إلى الحرم الجامعي، بداية من التسجيل بالبرنامج، ومروراً بفعاليات الدرس والتحصيل، وانتهاءً بحفل التخريج. فكلها أحداث سوف يتم إجراؤها عبر الوسائط الإلكترونية. وقد أبدت هيئة الاعتماد الأكاديمي استعدادها التام لاعتماد كافة البرامج الأكاديمية التي تقدمها الجامعة ليجري تنظيمها بالكامل عبر الوسائط الإلكترونية، وذلك بعد استيفاء بعض الشروط والمتطلبات الأكاديمية التي تتبناها الهيئة. والجامعة الآن بصدد إعداد كافة برامجها لتكون جاهزة للاعتماد الأكاديمي، بحيث يتم تقديمها بالكامل للدارسين عبر الوسائط الإلكترونية.
سيدي سمو الرئيس الأعلى للجامعة:
من بين جهود إعادة الهندسة وتغيير ملامح التعليم قيام الجامعة بإنشاء نخلة زايد الذكية، التي قمتم سموكم بغرسها اليوم، والتي سوف تؤتي أُكُلَها كل حين لكل من يطلب المعرفة من خلال الحوسبة السحابية، تلك النخلة التي تحتوي فروعها على البنية الأساسية للتعليم في شتى ميادين المعرفة، وتوفر كافة الخدمات التعليمية والتطبيقات والمعلومات، بحيث تبقى الجامعة بمثابة الجذع الذي يغذي الفروع والثمار لتظل طيبة يانعة ذكية.
وفي سبيل إعادة هندسة التعليم تم استحداث كلية الذكاء الاصطناعي بالجامعة، والتي قمتم سموكم بإطلاقها اليوم، والتي تستهدف توفير الفرص المتميزة والمبتكرة في التعلم مدى الحياة في الذكاء الاصطناعي، وبناء مجتمع من الدارسين يتمتع بالقدرة على استلهام فكر العلوم البيولوجية من أجل مستقبل أفضل باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ويجري تقديم برامج هذه الكلية بالتعاون مع الجامعات الدولية الرائدة والخبراء المتميزين في مجال الدراسة. وتقدم الكلية ثلاثة برامج للماجستير الأول في هندسة الروبوتات، والثاني في علوم البيانات الحاسوبية، والثالث في تصميم الألعاب. ولا شك أن البنية التحتية فائقة التميز المتاحة حالياً بالجامعة سوف يكون لها أبلغ الأثر في دعم الكلية لتحقيق رسالتها المرجوة.
ونحن في جامعة حمدان بن محمد الذكية نؤمن إيماناً راسخاً أن إعادة هندسة التعليم تستلزم بالضرورة إعادة هيكلة النظام الإداري الذي ترتكز عليه العملية التعليمية. وفي هذا الإطار، تعتزم الجامعة، إدخال تغييرات جوهرية على المنظومة الإدارية الجامعية لم يسبقنا إليها أحد. وتتمثل هذه التغييرات في قيام الجامعة بإعطاء عدد من القطاعات التابعة لها الصلاحية لممارسة الإدارة الذاتية، بما ييسر لهذه القطاعات مرونة أكبر داخل المجتمع، تُمكّنها من امتلاك حصة سوقية يمكن أن تسهم بدور كبير في ترسيخ المكانة العلمية للجامعة. فضلاً عن توفير دعم مالي يُمكّن الجامعة من تطوير قدراتها المادية لمواجهة المنافسة الشرسة بين الجامعات في استقطاب الكفاءات العلمية و الأكاديمية، القادرة على تحقيق مزيد من الارتقاء بالمستوى العلمي والمعرفي للدارسين.
سيدي سمو الرئيس الأعلى للجامعة:
لعل جامعتنا كانت أول مؤسسة تعليمية تنتهج أسلوباً تعليمياً فريداً وغير مسبوق، يتمثل في استخدام الألعاب في التعليم. وهو نظام يجري بمقتضاه منح عدد معين من النقاط لكل دارس لقاء ما حققه من مستوى علمي في كل مساق دراسي، بالإضافة إلى كل ما يقوم به من أنشطة مصاحبة للعملية التعليمية داخل الجامعة، فضلاً عن جميع الأنشطة المجتمعية التي يمارسها الدارس وتعود بالنفع على المجتمع وما يضمه من أفراد ومؤسسات، وهو ما يشير إلى تفوقه العلمي ويحفزه على التفاعل الوثيق مع المجتمع، وممارسة الأنشطة المجتمعية التي يستفيد منها الجميع. ويؤدي هذا الأسلوب إلى التخفيف من جفاف العملية التعليمية ، ويدخل عليها مزيداً من التشويق والإثارة، بالإضافة إلى توسيع مدارك الدارسين، ويعزز تلاحمهم مع المجتمع ، مما ييسر عليهم عملية الفهم والاستيعاب، فضلاً عن إعطائهم القدرة على تنزيل المفهوم النظري على الواقع العملي.
وقد بدأ مجتمع الإمارات في جني أولى ثمار الأسلوب التعليمي المتفرد الذي تنتهجه الجامعة. فنحن سيدي لا نخرّج شباباً يصطفون في طابور الوظائف، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص انتظاراً للحصول على وظيفة هنا أو هناك، ولكننا نجحنا في تطبيق المبدأ الذي صاغه سيدي معالي الفريق ضاحي خلفان رئيس مجلس الأمناء الذي وجه بأنه يتعين على الجامعة أن تقدم للمجتمع "رواد أعمال لا طلاب وظائف". وتطبيقاً لهذا المبدأ، قدمت الجامعة لمجتمع الإمارات عدداً كبيراً من رجال الأعمال يقدر بحوالي 70 خريجاً اعتنقوا مبدأ "رواد أعمال لا طلاب وظائف" ونجحوا في إقامة مشروعاتهم الخاصة التي يتجاوز رأس مال كل منها بضعة ملايين.
وفي الختام يسرني أن أتوجه لأبنائي الخريجين بخالص التهنئة القلبية على هذا الإنجاز العلمي الذي حققوه بتخرجهم من الجامعة، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل التوفيق حليفهم في حياتهم العملية، وأتمنى أن يحافظوا على تواصلهم مع الجامعة طلباً لمزيد من الدعم العملي والمعرفي.
أشكركم على حسن استماعكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته